الخميس، 12 ديسمبر 2013

مافيا الادويه المهربه‏!‏

مافيا الادويه المهربه‏
لا تندهش حين يخبرك الطبيب بان احد الادويه المطلوبه لن تجده الا في ‏««‏صيدليه‏»»‏ معينه او مخزن مهجور في وسط البلد‏..‏ ولا تتعجب اذا ذهبت الي الهدف واشتريت الدوائ بمبلغ ضخم واتسعت عيناك وانت تقرا بيانات مطبوعه علي ملصق يخفي البيانات الحقيقيه‏..‏ فالدوائ مهرب من الخارج وربما يكون منتهي الصلاحيه او مقلدا وبدون ماده فعاله‏..‏ بل الاخطر من ذلك انه ربما يحمل اليك مرض الايدز او الالتهاب الكبدي‏.‏
لا تندهش ولا تتعجب لانه في مصر الان مافيا لتهريب الادويه من الخارج تعمل في الخفائ وتحقق ارباحا طائله علي حساب صحه المواطنين‏..‏ وصناعه الادويه المصريه‏.‏

اكد تقرير الشعب الدوائيه باتحاد الصناعات‏,‏ اننا ندفع اكثر من مليار جنيه سنويا للحصول علي الدوائ الاجنبي المهرب‏,‏ في حين اكد مصدر مسئول في نقابه الصيادله اننا ندفع ما يعادل‏3‏ مليارات جنيه سنويا علي الدوائ المهرب‏,‏ منها مليار ونصف المليار جنيه علي الفياجرا وحدها‏.‏
وفي نفس الوقت يوكد وزير الصحه والسكان في تصريحاته تطور ادائ شركات الادويه المصريه‏,‏ وارتفاع معدلات انتاجها خلال السنوات الخمس الماضيه‏,‏ لتغطي‏%93‏ من الاستهلاك المحلي والذي يقدر بـ‏5‏ مليارات جنيه‏,‏ وان سمعه الدوائ المصري تزدهر في مواقع عده في العالم حتي اصبح موضع طلب واقبال من الدول العربيه والغربيه‏.‏

ولابد ان نتسائل هنا‏,‏ اذا كان الوضع بهذا القدر من التفاول‏,‏ فلماذا تنتعش اذن تجاره الدوائ المهرب في مصر؟ ولماذا تحرص كبري الصيدليات في القاهره والمحافظات علي توفير هذه الادويه؟ ولماذا تحقق مافيا تهريب الدوائ ثروات هائله من ورائ نجاحها في تهريب الادويه الي الشعب المصري؟

علي الرغم من تاكيد د‏.‏ جميله موسي ـ وكيل وزاره الصحه للتفتيش الصيدلي ـ بان عصابات تهريب الادويه‏,‏ الموجوده في بلدان العالم كله‏,‏ غير قادره علي اقتحام السوق المصريه بشكل فعال‏,‏ وان معدلات الدوائ المهرب في مصر اقل بكثير منها في دول العالم‏,‏ وذلك نتيجه لاحكام الرقابه علي منافذ البلاد وملاحقه اي حالات تهريب داخل مصر والقضائ عليها‏,‏ فان بعض التقارير توكد ارتفاع معدلات تهريب الدوائ بينما قطعت مصادر طبيه ان معدلات الربح من ورائ بيع الدوائ المهرب‏,‏ اعلي من بيع الادويه المستورده رسميا‏.‏

ولكن الامر لا يتوقف عند هذا الحد‏..‏ وانما يوكد فتحي الزهيري‏,‏ مدير عام بجمارك مطار القاهره‏,‏ ان عمليات تهريب الادويه‏,‏ ازدادت للغايه في الاونه الاخيره‏,‏ علي الرغم من تشديد عمليات الضبط وتكثيفها‏..‏ ويضيف ان الخطوره الحقيقيه تكمن في ان معظم عمليات تهريب الدوائ تركز علي ادويه غير مسجله او منتهيه الصلاحيه‏,‏ او تحتوي علي مواد مخدره‏,‏ لذا فنحن لدينا اجهزه كشف بالاشعه علي جميع منافذ البلاد‏,‏ وفي حالات الضبط يتم عمل محضر ودفع غرامه ماليه وسحب جواز السفر من المهرب‏.‏

ويعتبر الزهيري انه رغم يقظه الجهات الامنيه‏,‏ الا ان مشكله التهريب‏,‏ تكمن بشكل رئيسي في عدم القدره علي تفتيش حقائب الدبلوماسيين والتي يتم تهريب معظم الادويه من خلال بعضهم‏,‏ ويقول منذ فتره قريبه كان احد الدبلوماسيين يحمل حقيبه بها ادويه ولم استطع تفتيشها او حتي الحصول علي اذن من الخارجيه بذلك‏.‏

اما المضيفون والطيارون فقد اصبحوا في السنوات الماضيه مصادر رئيسيه لتهريب الادويه وتوريدها للصيدليات الكبري‏.‏ لذا فقد تم تكثيف الرقابه عليهم‏,‏ وعلي سبيل المثال تم احباط محاوله تهريب‏125‏ علبه دوائ لمرضي السرطان والقلب‏,‏ كانت مخباه في علب بسكويت‏,‏ تحملها مضيفه قادمه علي متن طائره من نيويورك‏!‏
تناقض هذه الظاهره توكد ان هناك تناقضا بين السياسات الدوائيه واحتياجات المريض المصري الفعليه‏,‏ او سوئ تقدير لدي المواطن الذي يحرم الدوائ المحلي من الثقه التي يمنحها لنظيره الاجنبي‏..‏ هذا ما توكده الدكتور مني شلبي ـ استاذ علم الميكروبولوجي والمناعه في كليه الطب جامعه الزقازيق ـ حيث تقول ان من اهم اسباب الاقبال علي الدوائ المستورد‏,‏ سوائ كان مهربا ام متوافرا بصوره قانونيه‏,‏ هو الفكر السائد لدي المواطن المصري بان شركات الدوائ المحليه‏,‏ تقوم بخفض نسبه الماده الفعاله‏,‏ مما يقلل من فاعليه الدوائ المصري امام نظيره الاجنبي‏,‏ ولكي نغير هذه الفكره الشائعه‏,‏ فنحن في حاجه الي وجود دوائ محلي فعال لكي تتحقق ثقه المريض المصري به‏.‏

غير ان الصيدلي احمد ابراهيم يري ان سبب انتشار ظاهره تهريب الادويه حتي الفتره الاخيره هو حاله القلق التي سادت السوق المصريه نتيجه لاختفائ بعض الادويه المستورده التي كانت متاحه قبل ذلك وبالتحديد لعلاج مرضي السكر والقلب‏,‏ الامر الذي دفع الناس الي البحث عنها باي طريقه وباي سعر‏,‏ لان اصحاب هذه الامراض المزمنه‏,‏ اعتادوا لفترات طويله علي هذه الادويه‏,‏ واصبحت فكره التحول الي الدوائ المحلي مقلقه بالنسبه لهم‏,‏ خاصه ان الطبيب المعالج‏,‏ يصر علي تحديد نفس الدوائ الاجنبي لمرضاه‏,‏ وبشكل خاص لمرضي الكبد والقلب والكلي والسكر والسرطان‏..‏ وكان طبيعيا ان تنمو تجاره الادويه المهربه وتحقق ارباحا مرتفعه في مصر‏.‏

صيدلي اخر هو الدكتور علي اسماعيل‏,‏ يوكد علي اهميه دور الدوله في الرقابه علي المنافذ المختلفه سوائ المطارات ام الموانيئ البحريه والبريه‏,‏ لانها الطريق الخفي لدخول الادويه المهربه‏,‏ والتي يتم تهريبها للاسف عن طريق بعض المسئولين من اصحاب المصالح مع بعض الصيدليات الكبري‏.‏

ويشير د‏.‏ اسماعيل الي مسئوليه الجهات الرسميه عن ازدياد الاقبال علي بعض الادويه المهربه لا سيما تلك التي تعالج حالات خاصه جدا‏,‏ حيث يندر وجودها في المنافذ الشرعيه وتتوافر بكثره علي الارصفه والاكشاك‏,‏ في مناطق الموسكي والعتبه وباب الخلق‏,‏ منها علي سبيل المثال‏,‏ ادويه الهيمنلابومين او الالوبومين البشري‏,‏ وهو دوائ بلازما الدم‏,‏ الذي يعالج بعض مرضي الكبد‏,‏ وايضا البلازما الجافه والسائله التي تستخدم لعلاج بعض حالات الحروق‏.‏

والخطوره الحقيقيه في تهريب الالوبومين البشري ان المهربين لا يراعون اثنائ تهريبه الحفاظ علي درجه الحراره الخاصه التي تستلزم نقله‏,‏ مما يفقده صلاحيته للعلاج‏..‏ كما ان هناك اقبالا شديدا علي ادويه اخري مهربه مثل الالكتروكسين الذي يعالج مرضي الغده الدرقيه وكذلك دوائ اللانكوسين الذي يعالج مرضي القلب‏,‏ في حين ان الدوله تقوم باستيراد هذه الادويه بالفعل ولكن بكميات ضئيله لا تفي بحجم احتياجات المرضي‏.‏
والقائمه السودائ طويله ـ يواصل د‏.‏ اسماعيل كلامه ـ حيث تتضمن الادويه المهربه لمرضي الاورام السرطانيه‏,‏ التي يتراوح سعر العلبه منها ما بين‏100‏ و‏1200‏ جنيه بالاضافه الي نوع من المسكن القوي الذي كان يصرف في معهد الاورام بمعدل‏10‏ حبات في اليوم لكل مريض واصبح يصرف حاليا بمعدل‏10‏ حبات لكل ثلاثه ايام‏,‏ اي انه لا يكفي لتسكين الالام الرهيبه لمريض السرطان‏,‏ والمفارقه ان هذا الدوائ يباع في جميع الصيدليات المنتشره حول المعهد بطرق غير رسميه‏,‏ مما يعرض المريض لخطر تناوله لانه لا يخضع للرقابه الدوائيه‏.‏

موت يا مريض
ويري الدكتور محمود عبدالمقصود ـ الامين العام لنقابه الصيادله ـ ان التحكم في عمليات تهريب الدوائ امر غايه في الصعوبه‏,‏ لاننا دوله سياحيه‏,‏ ومعظم عمليات التهريب تاتي من خلال السياح العرب والاجانب‏,‏ وحتي نحد من عمليات التهريب لابد ان تقوم الدوله بوضع نظام صارم ومنظم لاستيراد الادويه الاجنبيه عن طريق الصيدليات والاستيراد الشخصي‏,‏ لان ما يحدث حاليا هو ان المريض الذي يحتاج الي استيراد دوائ معين من الخارج‏,‏ اذا فكر في الحصول عليه عن طريق الشركه المصريه للادويه‏,‏ فان الاجرائات الطويله‏,‏ وبطئ عمليه الاستيراد‏,‏ قد تمنع وصول هذا الدوائ الي المريض‏,‏ في الوقت المناسب‏,‏ بل انه قد يموت قبل ان يصله الدوائ المعطل بين الاجرائات الحكوميه وربما ياتيه باسعار اعلي من سعره في سوق التهريب‏..‏ لذلك لابد من توفير طرق شرعيه سريعه ومنظمه لاستيراد الادويه الخاصه‏,‏ بكميات لا تسبب ضررا لشركات الادويه المصريه‏,‏ وهنا لابد ان نوجه سوالا لوزير الصحه‏,‏ عن سبب عدم تسجيل بعض الادويه حتي الان مثل الفياجرا التي وصل حجم مبيعاتها المهربه الي مليار ونصف المليار جنيه حسب احصائات بعض الصحف‏,‏ بالاضافه الي ادويه اخري لم تسجل ولا تستورد‏,‏ وصل حجم مبيعاتها مهربه الي ما يقرب من‏3‏ مليارات جنيه سنويا‏,‏ في حين ان حجم الاستيراد الرسمي للدوله يقدر بـ‏%7‏ من حجم الاستهلاك الكلي الذي يقدر بـ‏4‏ مليارات جنيه سنويا‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق